النصارى ، ولهذا شنّوا الغارة تلو الغارة ، والحملة تلو الحملة على بلاد المسلمين من أواخر القرن الخامس (سنة ٤٩٠ ه) إلى أواسط القرن السابع ، وكان للحروب الصليبية هذه مراحل ثمان وكان انتصر المسيحيون في بعضها وهزمت قواتهم في البعض الآخر.
وقد تحمّل المسلمون جرّاء هذه الحملات الكبرى خسائر كبرى ، لا يستطيع البنان واللسان عدّها وإحصاءها ، ولا تصويرها ، وبيانها.
وفيما كان الجرح نازفاً من جهة الغرب ، تعرّضت البلاد الإسلامية من ناحية الشرق في عام ٦١٦ ه لحملة شعواء وثنيّة الجذور لاقتلاع الإسلام من أساسه والقضاء على أُصوله وفروعه ، وإبادة حضارته ومدنيّته وامتدّت إلى أن سقطت الخلافة العباسية بأيدي أُولئك الوثنيين عام ٦٥٦ ه ، وكانت الخسائر في النفوس والأرواح كبيرة قاربت المليون ، بل أكثر.
وبقي التدمير والحرب سائدَين في البلاد إلى أواخر هذا القرن ، بل امتدّا إلى أواخر القرن الثامن.
ثمّ وقعت في الشمال الغربي من البلاد الإسلامية أعني الأندلس كارثة أُخرى ، هي إبادة المسلمين وتصفيتهم بقتلهم أو بترحيلهم عن بلادهم وأوطانهم بأعداد كبيرة وهائلة.
فإذا نظرنا إلى الجدول التاريخي نرى أنّ هذه القرون الأربعة تعدّ من شرّ القرون على العالم الإسلامي حيث فيها :
١ ـ ابتدأت الحروب الصليبية من عام ٤٩٠ ه واستمرت إلى عام ٦٩٠ ه (١).
٢ ـ ابتدأت الحروب التترية (المغولية) من عام ٦١٦ ه وانتهت عام ٨٠٧ ه (٢).
__________________
(١) و (٢) الدولة العباسيّة : ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٩٨.