روى البخاري عن نافع أنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أخبره قال : اطّلع النبيصلىاللهعليهوآله على أهل القليب فقال : «وجدتم ما وعد ربكم حقّاً» ، فقيل له : تدعو أمواتاً ، فقال : «ما أنتم بأسمعَ منهم ، ولكن لا يجيبون».
ثمّ روى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت : إنما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «إنّهم ليعلمون الآن أنّ ما كنت أقول حقّ» ، وقد قال الله تعالى : (إنّك لا تُسمِعُ المَوتى) (١).
ولا يذهب عليك أنّ السيدة عائشة سلّمت الحياة البرزخية لهم ، ولذلك قالت : إنّ النبيّ قال : «إنهم ليعلمون الآن أنّ ما كنت أقول حق» ولكنّها نفت أن يقول النبيّ «ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون» من دون أن تسنده إلى قائل حاضر في الواقعة ، وإنّما استنبطت قولها من الآية الكريمة ، ومن المعلوم أنّ ابن عمر يدّعي السماع عن النبيّ ، أو عمّن سمعه منه صلىاللهعليهوآله ولا يعارضه استنباطها ، وإنما يكون نظرها حجة على نفسها لا على من عاين وشهد تكلّم النبي معهم.
أضف إلى ذلك أنّه لا صلة للآية بما تدّعيه ، كما سيوافيك.
ولأجل التأكيد على صحة القصة نأتي أيضاً بنصّ صحيح البخاري في باب معركة بدر (غير كتاب الجنائز) ونردفه بذكر مصادر أُخرى ، وما ظنّك بأمر يرويه الإمام البخاري ولفيف من المحدّثين قال : وقف النبي صلىاللهعليهوآله على قليب «بدر» وخاطب المشركين الذين قُتلوا وأُلقيت جثثهم في القليب : «لقد كنتم جيران سوء لرسول الله ، أخرجتموه من منزله ، وطردتموه ، ثمّ اجتمعتم عليه فحاربتموه ، فقد وجدت ما وعدني ربّي حقّاً» ، فقال له رجل: يا رسول الله ما خطابك لهم؟!
فقال صلىاللهعليهوآله : «والله ما أنتم بأسمع منهم ، وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة
__________________
(١) البخاري : الصحيح الجزء ٩ ، كتاب الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، ص ٩٨.