وقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (١) قال : إنّ الآية الأُولى وإن كانت تنفي الشفاعة ، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية (٢).
٢ ـ تاج الإسلام أبو بكر الكلاباذي (ت ٣٨٠ ه) قال : إنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ الإقرار بجملة ما ذكر الله سبحانه وجاءت به الروايات عن النبي صلىاللهعليهوآله في الشفاعة واجب ، لقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٣) ولقوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٤) وقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٥). وقال النبيصلىاللهعليهوآله : «شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي» (٦).
٣ ـ الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه) قال : اتّفقت الإماميّة على أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وإنّ أئمة آل محمد : كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين (٧).
وقال في موضع آخر : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يشفع يوم القيامة في مذنبي أُمّته فيشفّعه الله عزوجل ، ويشفع أمير المؤمنين فيشفّعه الله عزوجل ، وتشفع الأئمة في مثل ما ذكرناه فيُشفّعهم الله ، ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ، ويشفّعه الله. وعلى هذا القول إجماع الإمامية إلّا من شذّ منهم ، وقد نطق
__________________
(١) الأنبياء : ٢٨.
(٢) تفسير الماتريدي المعروف ب «تأويلات أهل السنّة» : ص ١٤٨ ، والمشار إليه هي الآية الثانية.
(٣) الضحى : ٥.
(٤) الإسراء : ٧٩.
(٥) الأنبياء : ٢٨.
(٦) التعرّف لمذهب أهل التصوّف : ص ٥٤ ـ ٥٥ تحقيق د. عبد الحليم محمود ، شيخ الأزهر الأسبق.
(٧) أوائل المقالات ، ص ١٥.