أهل الإيمان ، فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن ، وجب دخوله تحت هذه الشفاعة(١).
نرى أنّ الإمام الرازي جعل قول الملائكة في حق المؤمنين والتائبين ، من أقسام الشفاعة ، وفسّر قوله : (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) بالشفاعة. وهذا دليل واضح على أنّ الدعاء في حق المؤمن ، شفاعة في حقّه ، وطلبه منه طلبُ الشفاعة.
ونقل نظام الدين النيسابوري ، في تفسير قوله تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) (٢) عن مقاتل : إنّ الشفاعة إلى الله إنّما هي دعوة الله لمسلمٍ ، لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له ، وقال الملك : ولك مثل ذلك» (٣).
والذي يوضح أنّ شفاعة النبي عبارة عن دعائه في حقّ المشفوع له ، ما رواه مسلم في «صحيحه» عن النبي الأكرم أنّه قال : «ما من ميّت يُصلّي عليه أُمّة من المسلمين يبلغون مائة كلّهم يشفعون له إلّا شُفِّعوا فيه» (٤).
وفسّر الشارح قوله صلىاللهعليهوآله : «يشفعون له» بقوله : أي يدعون له ، كما فسّر قولهصلىاللهعليهوآله : «إلّا شُفِّعوا فيه» بقوله : أي قبلت شفاعتهم.
وروي أيضاً عن عبد الله بن عباس أنّه قال : سمعت رسول الله يقول : «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلّا شفّعهم الله فيه» (٥) أي قبلت شفاعتهم في حق ذلك الميت فيغفر له.
فإذا كان مرجع الاستشفاع من الصالحين إلى طلب الدعاء ، فكل من يطلب
__________________
(١) مفاتيح الغيب ٧ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، ط. مصر ، الجزء ٢٧ : ٣٤ ط دار إحياء التراث الإسلامي ، بيروت.
(٢) النساء : ٨٥.
(٣) غرائب القرآن بهامش تفسير الطبري : ٥ : ١١٨.
(٤) صحيح مسلم ٤ : ٥٣ ، ط. مصر ، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده.
(٥) المصدر نفسه.