في أرض مكة نبي الإسلام الأعظم صلىاللهعليهوآله ، ولما خاف أن لا يدركه ، كتب رسالة وسلّمها لأحد أقاربه حتى يسلّمها إلى النبي صلىاللهعليهوآله حينما يبعث ، وممّا جاء في تلك الرسالة قوله : «وإن لم أدرك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني» (١) ولمّا وصلت الرسالة إلى يد النبيصلىاللهعليهوآله قال : «مرحباً بتُبَّع الأخ الصالح» فإنّ وصف النبي صلىاللهعليهوآله لطالب الشفاعة بالأخ الصالح ، أوضح دليل على أنّه أمر لا يتعارض وأُصول العقيدة.
٤ ـ وروى المفيد عن ابن عباس أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا غسّل النبي صلىاللهعليهوآله وكفّنه كشف عن وجهه وقال : «بأبي أنت وأُمّي طبتَ حيّاً وطبت ميتاً ... اذكرنا عند ربك»(٢).
وروى الشريف الرضي في «نهج البلاغة» : أنّ عليّاً عليهالسلام قال عند ما ولي غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله : «بأبي أنت وأُمّي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك» (٣).
٥ ـ روي أنّه لمّا توفي النبي صلىاللهعليهوآله أقبل أبو بكر فكشف عن وجهه ثمّ أكبّ عليه فقبّله وقال : «بأبي أنت وأُمّي طبت حيّاً وميتاً اذكرنا يا محمد عند ربّك ولنكن من بالك»(٤).
وهذا استشفاع بالنبي صلىاللهعليهوآله في دار الدنيا بعد موته.
٦ ـ وختاماً نذكر ما ذكره الدكتور عبد الملك السعدي في كتابه «البدعة في مفهومها الإسلامي الدقيق» : أمّا طلب الشفاعة من رسول الله صلىاللهعليهوآله بصورة عامّة وبدون قيد بعد أذان أو غيره فقد ورد في السنّة ، حيث قد طلبها منه بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ دون نكير من رسول الله صلىاللهعليهوآله. والأحاديث الواردة بهذا
__________________
(١) ابن شهرآشوب ١ : ١٢ ؛ السيرة الحلبية : ٢ : ٨٨.
(٢) مجالس المفيد ، المجلس الثاني عشر : ص ١٠٣.
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٢٣٥.
(٤) السيرة الحلبيّة ٣ : ٤٧٤ ، ط دار المعرفة بيروت.