لا يستطيع على إجابة طلب الطالب؟
أوّلاً : إنّ الرجوع إلى القرآن المجيد ، واستنطاقه في هذا المجال يوقفنا على جليّة الحال ، وهو يعترف بموتهم ماديّاً لا موتهم على الإطلاق ، بل يصرّح بحياة لفيف من الناس الذين انتقلوا من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة من صالحٍ وطالحٍ ، وسعيدٍ وشقيٍّ ، وها نحن نتلو على القارئ الكريم قسماً منها ليقف على أنّ الموت أمرٌ نسبي ، وليس بمطلق ، ولو صار بدن الإنسان جماداً ، ليس معناه بطلانه وانعدام شخصيته ، وليس الموت إلّا انتقالاً من دارٍ إلى دارٍ ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة وإليك لفيفاً من الآيات :
١ ـ قال سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١).
والآية صريحة في المقصود ، صراحةً لا تتصوّر فوقها صراحة ، حيث أخبرت الآية عن حياتهم ورزقهم عند ربهم وتبشيرهم لمن لم يلحقوا بهم ، وما يتفوهون به في حقّهم بقولهم : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وعلى ذلك فلو كان الشفيع أحد الشهداء في سبيل الله تعالى فهل يكون هذا المطلب لغواً؟!
٢ ـ إنّ القرآن يعدّ النبي شهيداً على الأُمم جمعاء ، ويقول سبحانه : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٢).
فالآية تصرّح بأنّ النبي صلىاللهعليهوآله شاهد على الشهود الذين يشهدون على أُممهم فإذا كان النبي صلىاللهعليهوآله شاهداً على الأُمم جمعاء ، أو على شهودهم فهل تعقل الشهادة بدون
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠.
(٢) النساء : ٤١.