والجهاد في سبيله ؛ فإنّه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ؛ فإنّها الفطرة ، وإقام الصلاة ؛ فإنّها الملّة ، وإيتاء الزكاة ؛ فإنّها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان ؛ فإنّه جُنّة من العقاب ، وحجّ البيت واعتماره ؛ فإنّهما ينفيان الفقر ، ويرحضان الذنب ، وصلة الرحم ؛ فإنّها مثراة في المال ، ومنسأة في الأجل ، وصدقة السرّ ؛ فإنّها تكفّر الخطيئة ، وصدقة العلانية ؛ فإنّها تدفع ميتة السوء ؛ وصنائع المعروف ؛ فإنّها تقي مصارع الهوان» (١).
غير أنّ مصاديق هذا النمط من الوسيلة لا تنحصر فيما جاء في الآية أو في تلك الخطبة بل هي من أبرزها.
النوع الثاني : وسائل ورد ذكرها في الكتاب والسنّة الكريمة ، وحثّ عليها الرسول وتوسّل بها الصحابة والتابعون وكلّها توجب التقرّب إلى الله سبحانه ، وهذا هو الذي نطلبه في هذا الأصل حتى يعلم أنّ الوسيلة لا تنحصر في الفرائض والمندوبات الرائجة بل هناك وسائل للتقرّب دلّت عليها السنّة ، وهي التوسّل بالنبي الأكرم على أشكاله المختلفة التي سنذكرها ، فهذا عليّ عليهالسلام يقول في ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله : «اللهمّ اعل على بناء البانين بناءه ، وأكرم لديك نُزُله ، وشرِّف عندك منزله وآته الوسيلة وأعطه السناء والفضيلة ، واحشرنا في زمرته» (٢).
فإذا وقفنا على أنّ النبيّ هو الوسيلة المقرّبة إلى الله ، فتجب علينا مراجعة السنّة لنطّلع على كيفية التوسّل به فهي تبيّن لنا تلك الكيفية. فعلى من يطلب استجابة دعائه ، أن يتوسّل إلى الله بأسباب جعلها الله سبحانه وسيلة لهذا المبتغى.
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١١٠.
(٢) المصدر نفسه : الخطبة ١٠٦.