وقال أيضاً في قصة استسقاء الخليفة بالعباس : «إنّ عمر لم يقل واليوم نستسقي بالعباس بن عبد المطلب بل قال : بالعباس عمّ نبيّك ، فالوجاهة حصلت له لأنّه عمّ النبيصلىاللهعليهوآله الميّت ، وهذا اعتراف بأنّ جاه النبي صلىاللهعليهوآله بعد موته ما زال باقياً حتى سرى إلى عمّه العباس (١).
ونحن نضيف إلى ذلك : أنّه إذا جاز التوسّل بالقرآن ـ كما مرّ في الفصل الثاني ـ لمكانته عند الله ومنزلته لديه وهو كلام الله الصامت ، فالتوسّل بالنبي الأكرم وهو كلام الله الناطق بطريق أولى.
عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اقترف آدم الخطيئة قال : ربّي أسألك بحقّ محمّد لما غفرتَ لي ، فقال الله عزوجل : يا آدم ، كيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال : لأنّك يا ربّ لمّا خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنّك لم تُضِفْ إلى اسمك إلّا أحبّ الخلق إليك ، فقال الله عزوجل : صدقت يا آدم إنّه لأحبّ الخلق إليَّ ، وإذا سألتني بحقّه فقد غفرت لك ، ولو لا محمّد لما خلقتك» (٢).
يقع الكلام في سند الحديث أوّلاً ومتنه ثانياً.
أمّا الأوّل : فرجاله ثقات ، نعم وقع الكلام في واحد منهم وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، فقد قال البيهقي : وهو ضعيف ، ولكن الحاكم صحّح الحديث على شرط الشيخين ، ولو قلنا بأنّه لا يعتمد على تصحيح الحاكم وحده فتكون الرواية مؤيّدة ؛ إذ ليس معنى كون الراوي ضعيفاً أن الرواية مكذوبة.
__________________
(١) المصدر نفسه : ٤٩.
(٢) دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ، ٥ : ٤٨٩ ط دار الكتب العلمية بيروت. لاحظ الدر المنثور ١ : ٥٩ ، ونقله كثير من المفسرين في قصة توبة آدم.