يقوله بعض الناس (١) لما حلف به سبحانه ؛ لأنّ ماهية العمل إذا كانت ماهية شركيّة فلا يفرق بينه وبين عباده كما أنّه إذا كانت ماهية الشيء ظلماً وتجاوزاً على البريء ، فالله وعباده فيه سيّان ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢).
إنّ الحلف بهذه العظائم ذات الأسرار إنّما لأجل أحد الأمرين : إمّا للدعوة إلى التدبّر والدقة في صنعها والنواميس السائدة عليها واللطائف الموجودة فيها ، أو لإظهار عظمة المحلوف به وكرامته عند الله كما هو الحال في حلفه سبحانه بحياة النبي ، قال : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٣).
ولا عتب علينا إذا عرضنا المسألة على السنّة النبويّة ، فقد جاءت فيها موارد قد ورد فيها الحلف بمخلوق على مخلوق ، نكتفي بما رواه مسلم في صحيحه ، وما ظنّك برواية مسلم في جامعه!
١ ـ روى مسلم في صحيحه :
جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول الله أيّ الصدقة أعظم أجراً؟ فقال : «أما وأبيك لَتُنَبَّأنَّهُ : أن تَصَدَّق وأنت صحيح شحيح ، تخشى الفقر وتأمل البقاء» (٤).
٢ ـ روى مسلم أيضاً :
وجاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ من نجد ـ يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله : «خمس صلوات في اليوم والليل».
فقال : هل عليّ غيرهنّ؟
__________________
(١) التوصل إلى حقيقة التوسّل : ص ٢١٧.
(٢) الأعراف : ٢٨.
(٣) الحجر : ٧٢.
(٤) صحيح مسلم ٣ : ٩٤ كتاب الزكاة ، باب أفضل الصدقة.