يستطيعون ذلك ، أي كشف ضُرٍّ مسّهم أو تحويله عنهم إلى غيرهم ، فعند ذلك تبطل ربوبيتهم فلا يستحقّون العبادة ، وإلى ذلك المعنى يشير سبحانه بقوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً).
هذا هو الدليل الأوّل الذي أبطل به سبحانه ألوهيتهم وربوبيتهم واستحقاقهم للعبادة.
ثمّ إنّه سبحانه عاد إلى الاحتجاج عليهم بدليل آخر وحاصله : أنّ الذين تعبدونهم وتزعمون أنّهم يستطيعون كشف الضرّ وتحويله ـ نفس هؤلاء ـ يدعون الله تعالى ويطلبون القربة إليه بفعل الخيرات حتى أنّ الأقرب منهم يبتغي الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب ، والجميع يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ، إنّ عذاب ربّك كان محذوراً ، فإذا كان الحال كذلك فاللازم عليكم ترك عبادة هؤلاء ورفضهم والإقبال على عبادة الله تبارك وتعالى وإلى ذلك يشير قوله سبحانه في الآية الثانية :
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً).
فأشار «بأُولئك» إلى آلهتهم ، وبقوله : «الذين يدعون» إلى عبادتهم لهم ، ثمّ وصف آلهتهم بالجمل التالية وهي ، هؤلاء الآلهة :
١ ـ يبتغون إلى ربّهم الوسيلة.
٢ ـ الذي هو أقربهم إلى الله يبغي الوسيلة فكيف بغير الأقرب.
٣ ـ والجميع الأقرب وغير الأقرب (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) فالآيتان بصدد إبطال ألوهية هؤلاء وعدم استحقاقهم للعبادة لعدم ثبوت ملاك العبادة فيهم.
فأيّ صلة للآيتين بنفي التوسّل ، أي التوسّل بعباد صالحين لا يعتقد المتوسّل