لا تضيف إلى اسمك إلّا أحبّ الخلق إليك. فقال الله تعالى : صدقتَ يا آدم ، إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقّه ، فقد غفرت لك ولو لا محمّد ما خلقتك». ذكره الطبري ، وزاد فيه : «وهو آخر الأنبياء من ذريتك» (١).
وأمّا التوسّل بعد خلقه في مدّة حياته ، فمن ذلك الاستغاثة به صلىاللهعليهوآله عند القحط وعدم الأمطار ، وكذلك الاستغاثة به من الجوع ونحو ذلك ممّا ذكرته في مقصد المعجزات ومقصد العبادات في الاستسقاء ، ومن ذلك استغاثة ذوي العاهات به ، وحسبك ما رواه النسائي والترمذي عن عثمان بن حنيف أنّ رجلاً ضريراً أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : ادع الله أن يعافيني ، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : «اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمد نبيّ الرحمة ، يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك في حاجتي لتقضى ، اللهمّ شفّعه في» وصحّحه البيهقي وزاد : «فقام وقد أبصر».
وأمّا التوسّل به صلىاللهعليهوآله بعد موته في البرزخ وهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء وفي كتاب «مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام» للشيخ أبي عبد الله ابن النعمان طُرَف من ذلك.
إنّ لابن حجر العسقلاني مقاماً شامخاً عند أهل الحديث ، لا يعدل عنه إلى غيره إلّا بدليل وهو خرّيت فنّ الحديث وأُستاذه ، فكلامه يعرب عن تسليمه صحة ما نقل من الأحاديث التي تقدّمت في الفصول السابقة.
* * *
أخي العزيز : لقد عالجت في هذا الفصل مسألة التوسّل التي قد أثارت في بعض الأجواء قلقاً واضطراباً ، ولو أنَّ إخواننا نظروا إلى كتاب الله وسنّة نبيّه نظرة
__________________
(١) المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ٤ : ٥٩٣ ـ ٥٩٥.