شيئا سواه ـ بإذهاب الرجس عنهم ، وتطهيرهم تطهيرا تاما ، فأفاد العصمة في الاعتقاد والأقوال ، والأفعال لأن ما يتنزه منه غير ذلك ليس بمراد قطعا.
فإن قيل : لا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد.
قلنا : إدارته تعالى لا تخلو إما أن تتعلق بأفعال عباده أو بأفعاله ، إن كان الأول فمسلم عدم الملازمة ، لأنه لم يردها منهم إلا على سبيل الاختيار ، وقد بنى أمره تعالى على الابتلاء ، فهي واقفة على وجود دواعيهم وانتفاء صوارفهم ضرورة ، وإن كان الثاني وهو تعلقها بأفعاله تعالى فلا محالة من وقوع المراد إذ لا صارف حينئذ إلا ما الله منزه عنه من العجز والبداء ، تعالى الله سبحانه : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢] ، (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [هود : ١٠٧] ، وقد أسند الفعلين عزوجل إليه في قوله ليذهب ويطهر صريحا حقيقة ، كما في قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [النساء : ٢٦] ، (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) [النساء : ٢٨] ، (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) [البقرة : ١٨٥] ، فكل هذه قد أرادها تعالى وهي واقعة ، بخلاف ما أراد وهو موقوف على الاختيار ، كقوله تعالى : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء : ٢٧] ، فقد أراد التوبة عليهم ـ وهي واقفة على اختيارهم ـ بفعل التوبة قطعا ، عقلا وسمعا : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) [النساء : ١٧] ، (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ ...) الآية [طه : ٨٢].
فإن قيل : إذا كان الإذهاب والتطهير فعله عزوجل لزم الجبر وارتفاع التكليف.
قلنا : ليس فعله في ذلك إلا الألطاف والتوفيق ، وعلى الجملة هي على معنى العصمة في الأنبياء صلوات الله عليهم ، وجماعة الأمة ، فما قيل فيها قيل فيها ، وكل على أصله ، فظهر بهذا انحلال ما ذكره الشيخ ابن تيمية في منهاجه ، وتبعه على ذلك محمد بن إسماعيل الأمير ، حيث قال بعد إيراد كلامه : قلت وهذا البحث لازم على قواعد الاعتزال بلا ريب. انتهى.
هذا وقد علم من صيغة العموم ـ التي هي الجنس المعرف باللام في الرجس الذي هو ما