وحجان بن الحر وشبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن في سبعة آلاف رجل ، وكتب إلى عمر بن سعد يأمره بمنع الحسين وأصحابه الماء ، فبعث ابن سعد ابن الحجاج في خمسمائة فارس حتى أحدقوا بالشريعة (١) ، وحالوا بينهم وبين الماء ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث ، وناداه عبيد الله بن حصين يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء ، والله لا تذوق منه قطرة أو تموت (٢) عطشا (٣).
فقال الحسين : اللهم أمته عطشا.
قال (٤) : فو الله الذي لا إله إلّا هو لقد رأيته يشرب حتى يبغر فلا يروى ، ثم يعود فيشرب فلا يروى فما زال كذلك حتى لفظ عمته ، فلما أضر بالحسين وأصحابه العطش قام عليهالسلام فأمر فحفرت آبار وأنبع الله لهم منها ماء عذبا فشربوا منه ودفن ، فلما اشتد بهم العطش وجه أخاه العباس بن علي في خمسة عشر رجلا بالقرب فيهم رجل يقال له رشيد فلحقه أصحاب ابن الحجاج فقتلوه.
فلما قتل الحسين دفن رشيد في موضعه الذي كان فيه ، وكانت فاطمة بنت الحسين تقول : إنه السقاء ، وإن الناس قالوا : هو قبر العباس بن علي وليس كذلك لكنه قبر رشيد.
قال : وزحف عمر بن سعد يومئذ بخيله بعد صلاة العصر نحو الحسين عليهالسلام وهو
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري (٤ / ٣١١ ـ ٣١٢) ، في رحاب أئمة أهل البيت (٢ / ٣ ص ١٠٤) ، والمفيد في ذكرى السبط الشهيد ص (٧١) وما بعدها ، وفي المصدرين الأول والثاني ذكروا (... حتى أحدقوا بالشريفة) وفي المفيد ما لفظه. فعند ذلك وضع ابن سعد على المشرعة أربعة آلاف فارس يحرسونها ليلا ونهارا.
(٢) نهاية الصفحة [١٩٦ ـ أ].
(٣) في تاريخ الطبري : (قبل قتل الحسين بثلاث ، قال : ونازله عبد الله بن أبي حصين الأزدي ، وعداده في بجيلة فقال : يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا) ، فقال حسين : اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا. تاريخ الطبري (٤ / ٣١٢).
(٤) قال : أي حميد بن مسلم راوي خبر ترجمة الحسين بالسند المثبت في أول الترجمة ، وقوله : أورده الطبري في تاريخه (٤ / ٣١٢) هكذا : والله لعدته بعد ذلك في مرضه فو الله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته يشرب حتى بغر ثم يقيء ، ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتى لفظ غصته يعني نفسه).