جالس محتبيا (١) ، وسمعت زينب بنت علي (٢) الصيحة فدنت من الحسين عليهالسلام وهو جالس محتبيا بحمائل سيفه ، ورأسه على ركبتيه فقالت : يا أخي ، فرفع رأسه فقال : إن رسول الله أتاني في نومي هذا وقال : إنك تروح إلينا غدا ، فلطمت وجهها وقالت : يا ويلاه ، فقال : لا ويل لك يا أخية.
[١٨٦] أخبرنا (٣) أحمد بن علي بن عافية بإسناده عن أبي جعفر ، عن أبيه ، علي بن الحسين عليهمالسلام قال : إني يومئذ مريض ، فدنوت أسمع ما يقول أبي عنده حوي مولى أبي ذر (٤) وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول (٥) :
يا دهر أف لك من خليل |
|
كم بك بالإشراق والأصيل |
من طالب وصاحب قتيل |
|
والدهر لا يقنع بالبديل |
وإنما الأمر إلى الجليل |
|
وكل حي سالك سبيلي |
فكررها ثلاثا وفهمت ما قال ، فخنقتني العبرة ، فرددت دمعي ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد نزل.
وأما عمتي فسمعتها ؛ وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع ، فلم تملك نفسها أن
__________________
(١) واحتبى : جلس على أليتيه وضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند.
(٢) هي : زينب بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية سبطة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمها فاطمة الزهراء وشقيقة الحسين والحسين. قال ابن الأثير : إنها ولدت في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زوجها أبوها ابن أخيه عبد الله بن جعفر فولدت له أولادا وكانت مع أخيها حين قتل بكربلاء فحملت إلى دمشق سبية ، وحضرت عند اليزيد ، وكانت ثابتة الجنان ، رفيعة القدر ، خطيبة فصيحة ، انظر : تراجم سيدات بيت النبوة د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ص (٦٣٧) وما بعدها ، الإصابة (٤ / ٣٢١ ت (٥١٠) ، الأعلام (٣ / ٦٦ ـ ٦٧) ، نسب قريش (٤١) ، طبقات ابن سعد (٨ / ٣٤١) ، الدر المنثور (٢٣٣) ، جمهرة أنساب العرب (٣٣).
(٣) السند هو : أخبرنا أحمد بن علي بن عافية قال : حدثنا ابن أبي عروة قال : حدثنا إسماعيل بن بهرام الليثي ، عن الدراوردي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده.
(٤) في مقاتل الطالبيين جون مولى أبو ذر في تاريخ الطبري : حوي. الطبري (٤ / ٣١٨) ، المقاتل (١١٣).
(٥) الأبيات والرواية في الطبري (٤ / ٣١٨ ـ ٣١٩) ، بلفظها أما في الفتوح (٥ / ١٤٩) والمقاتل ص (١١٣) ببعض الاختلافات ، انظر تاريخ اليعقوبي (٢ / ٤٤) ، وعند لفظ : يقول ـ نهاية الصفحة [١٩٧ ـ أ].