قال نصر بن مزاحم : وقدم محمد بن إبراهيم الجزيرة وتلقاه نصر بن شبيب في جماعة من أصحابه فأنزله ومن معه وأكرم مثواه ، وعظم قدومه ، وقال : يا ابن رسول الله ، أبطأت عنا حتى ساءت الظنون واشتد الإشفاق ، وتفرقت القلوب ، وامتدت الأعناق ، أما إني أرجو أن يجعل الله قدومك عزّ الحق وظهوره ، وإماتة الجور ودفنه.
ثم جمع أصحابه ، وقال : يا معاشر قيس (١) ، إن من غضب لله (٢) غضب الله له ، ومن سعى في رضا الله تولى الله ثوابه ، ألّا وإن هذا ابن بنت نبيكم وأوجب الناس حقا عليكم ، فدخل في بلدكم ، ونزل بين أظهركم يريد الانتصار لكم بكم ، والدفع عنكم بسيوفكم ، وهو من لا يطعن عليه في دين ، ولا رأي ولا بأس ولا عزم ، وقد رضينا إمامته وحمدنا مختبره ، فمن كان لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه حق وللإسلام «عنده» (٣) صدق ونصرة ، فليتقدم في بيعته ونصره.
فتكلم أصحابه فبعض أجاب ، وبعض امتنع فاختلفوا حتى تدافعوا وتلاطموا ، فأمرهم بالانصراف فانصرفوا ، ثم بعث إلى نفر من بني عمه ممن كان يفزع إلى رأيه في حرب إن كانت أو نازلة إن نزلت ، فأعلمهم ما جرى بينه وبين محمد بن إبراهيم من المواعدة ووفائه له ، وقدومه عليه وسألهم عن رأيهم في إجابته ، فاختلفوا في الرأي وبلغ ابن عم (٤) له خبر محمد ، فكتب إلى نصر :
يا نصر لا تجر عليك بلية |
|
دهياء يخترم النفوس ضرامها |
يا نصر إنك إن فعلت وجدتها |
|
يغشاك في أي البلاد عزامها |
يا نصر لا يذهب برأيك عصبة |
|
تبعوا الغرور حقيقة أحلامها |
إلى أبيات أخر.
__________________
(١) هم قبيلة قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، انظر معجم القبائل العرب (٣ / ٩٧٠ ـ ٩٧٣).
(٢) في (د) : الله.
(٣) ساقط في (ج).
(٤) نهاية الصفحة [٣١٣ ـ أ].