الثالث : إنّ الإمام كالنبي (ص) يجب أن يكون معصوما من الخطأ والنسيان والسهو والعصيان كما قدّمنا لأنّه حافظ للشريعة ، وقائم بها. ، فلو جاز عليه الخطأ لم يكن حافظا لها ، ولا منفذا لأحكامها بالشكل الذي أنزل الله تعالى على رسوله (ص) ، بخلاف المجتهد فإنّه لا تجب عصمته ، ويجوز عليه الخطأ ، ولا يستطيع أن يحفظ نفسه من الخطأ والنسيان ويجوز عليه السهو والعصيان.
الرابع : إنّ الإمام يجب أن يكون مخبرا عن الله تعالى بواسطة النبي (ص) ولا يجوز عليه الاجتهاد كالنبي (ص) ، لأنّ الاجتهاد يخطئ والنبي (ص) والإمام لا يخطئان ، ولأنّه لا يحصل معه العلم بأنّ ما يقوله نازل من عند الله تعالى لجواز أن يكون ناشئا عن رأيه ، وهوى نفسه ، وقد حكم النبي (ص) بأنّ ذلك ضلال وإضلال.
ففي صحيح الإمام البخاري في باب ذمّ الرأي وتكلّف القياس في أواسط ص ١٧٣ من جزئه الرابع.
عن عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) أنّه قال : «إنّ الله تعالى لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعا ، ولكنه ينزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم ، فيبقى أناس جهّال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلّون ويضلون».
ولأنّه لو جاز على النبي (ص) الاجتهاد لجاز أن يكون ما يقوله باجتهاده ، وليس نازلا من عند الله تعالى وذلك ينافي قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ومناف لما أخرجه البخاري في صحيحه في أواخر ص ١٧٣ من جزئه الرابع في باب ما كان النبي (ص) يسأل ممّا لم ينزل عليه الوحي فيقول (ص) لا أدري ، ولم يجب حتى ينزل عليه الوحي ، ولم يقل برأيه ، ولا بقياس لقوله تعالى : (بِما أَراكَ اللهُ) ولأنّه مناف لقوله تعالى في سورة الحاقة