رسول الله (ص) من طريق أئمتهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى من آل رسول الله (ص) الذين من تمسك بهم كان على الهدى ، ومن أخطأهم ضلّ وهوى ، كما جاء التنصيص عليه فيما تقدم من حديث الثقلين.
وأما أهل السنة فقد اختلفوا في تفسيرها أقوال شتى فالمروي عن ابن عباس ، والبراء بن عازب ، خلاف ما ادعيتم فراجعوا في تفسيرها تفاسير البيضاوي ، والنيسابوري ، وابن جرير ، والسيوطي ، والخازن ، والبغوي ، وابن حيان ، لتعلموا ثمة صحة ما قلناه.
فإذا كان هذا الاختلاف في تفسيرها موجودا عندكم فكيف يصح لكم أن تنسبوا ما قلتم في تفسيرها إلى المفسرين أجمعين على أنّ ترجيح أحد المختلفين على الآخر ترجيح بلا مرجح وبطلانه واضح.
رابعا : إنّ الوعد في الآية مشروط بالإيمان ، وعمل الصالحات ، على وجه الإخلاص لله تعالى ، وذلك ما لا يعلمه إلّا الله تعالى فكيف يا ترى تستطيعون أن تثبتوا ذلك ، وأنتم لا سبيل لكم إلى إثباته ، اللهم الا أن تدعوا العلم بما في باطنهم والاطّلاع على سرائرهم لتحكموا به وهذا ما نربأ بكم عن ادّعائه.
خامسا : إنّ الآية تريد بالاستخلاف في الأرض في منطوقها توريث المؤمنين لها ، وإبقاءهم بعد هلاك الظالمين لهم من الكافرين ، وليس فيها ما يدلّ على إرادة الاستخلاف لمقام النبوّة ، وخلافة الرسالة ، وفرض الطاعة لهم على الأمّة ، ويريكم هذه الحقيقة قوله تعالى في سورة الأعراف آية ١٤٨ وما بعدها : (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ ، وَاصْبِرُوا ، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا ، وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا ، قالَ : عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ، وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).