فهو يريد توريث الأرض ، والنعم ، والأموال ، لعموم المؤمنين لا خصوص بعضهم ، ولا يريد الإمامة ، وخلافة النبوة ، وإلا لكانوا جميعا أئمة ، وهو معلوم البطلان.
فكما إنّ الله تعالى بشّر قوم موسى (ع) بأنّ صبرهم على أذى الكافرين ، موجب لأن يرثوا أرضهم ، وديارهم ، وأموالهم ، من بعدهم ، وأنّ المؤمنين سيخلفون الكافرين على تلك الأموال والنعم ، كما يرشدكم إليه قوله تعالى في سورة الأعراف آية ١٣٧ : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ، مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ : بِما صَبَرُوا ، وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ)
كذلك وعد المؤمنين العالمين الصالحات ، في تلك الآية بأن يرثوا أرض الكافرين ، وأموالهم بعد هلاكهم.
ويدلكم على نظير هذا الاستخلاف من الله تعالى لعباده ما قاله تعالى في سورة الأنعام آية ١٣٣ : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ، ذُو الرَّحْمَةِ ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ ، كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) فهو يريد إبقاء أولئك بعد انقراضهم ، ولا يريد بالاستخلاف فيها خلافة النبوة لمن يأتي بعدهم بعد إذهابهم ، لوضوح بطلانه.
ونظائر هذا قوله تعالى في سورة الأنعام آية ١٦٥ : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ، وقوله تعالى في سورة يونس (ع) آية ١٤ : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) ، وقوله تعالى في سورة يونس (ع) آية ٧٣ : (وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ، وقوله تعالى في سورة فاطر آية ٣٩ :