يريد ستدعون إلى قتال قوم أولي بأس شديد ، وقد دعاهم رسول الله (ص) إلى مغاز كثيرة كغزوات مؤتة ، وحنين ، وتبوك ، وغيرها ، فالداعي لهم إلى ذلك هو رسول الله (ص) دون من زعمتم من الخلفاء (رض). على أنّ من الجائز أن يكون الداعي لهم علي بن أبي طالب (ع) إلى قتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، وكان رجوعهم إلى طاعته (ع) بقول النبي (ص) : «يا علي حربك حربي» على ما أخرجه الحاكم في (مستدركه) ص ١٤٩ من جزئه الثالث وصححه ، والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ص ١٢٧ من جزئه السابع ، والترمذي في صحيحه ص ٢٢٧ من جزئه الثاني ، وغيرهم من حفّاظ أهل السنّة.
فقوله (ص) : «يا علي حربك حربي» يريد به المشابهة بينهما في الحكم دون الحقيقة ، وإنّ حكم المحارب لعلي (ع) هو حكم المحارب للنبي (ص) في إيجابه الكفر ، وإلّا كان الكلام لغوا باطلا لا معنى له ، وذلك ما يتعالى عنه كلام النبي (ص) الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلّا وحي يوحى. لا سيما أنّنا قد علمنا أنّ الطوائف الثلاثة قد أظهروا التديّن بحربه (ع) ، واستحلّوا دمه ودماء المؤمنين من أبنائه ، وعترته ، وأتباعه. وقد ثبت بالتواتر من دين المسلمين أنّ استحلال دم المؤمن أعظم عند الله تعالى من شرب جرعة خمر ، ويؤكّد ذلك ما مرّ عليكم من قول النبي (ص) في حديث البخاري : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
فإذا كانت الأمّة مجمعة على تكفير مستحلّ الخمر وإن شهد الشهادتين ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، فوجب القطع بكفر مستحلّ دماء المؤمنين لأنّه أكبر من ذلك عند الله تعالى ، وأعظم في العصيان ، لا سيما إذا لاحظتم ما تقدم تفصيله من حديث النبي (ص) : «من خرج على إمام زمانه بشبر ومات ، مات ميتة جاهلية» على ما تواتر نقله