لما أخرجه السيوطي في (الدر المنثور) ص ٧٢ وما بعدها من جزئه السادس في تفسير الآية عن عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة أنّ قوله تعالى : (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) أهل حنين ، وفيه أيضا عن سعيد بن منصور وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي ، عن عكرمة ، وسعيد بن جبير ، إنّهم أهل حنين ، والحجّة في هذا عليكم دون ما ذكرتم فإنّه مأخوذ من الرأي والهوى فلا حجّة فيه أبدا.
ثالثا : لو سلمنا لكم جدلا ، وفرضنا شمول الآية لمن دعا الخلفاء الثلاثة إلى قتالهم من المرتدين ، وفارس ، والروم ، والبربر ، وغيرهم ، ومع ذلك فإنّه لا يدلّ على شيء من المدح والثناء ، ولا على صحّة خلافة الداعي. فإنّ الظاهر من منطوقها وجوب إجابة هذه الدعوة ولزوم طاعتها أيّا كان هذا الداعي ، كمن دعا إلى إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة والجهاد في سبيل الله ، فإنّه لا يفيد حسن حال كل من دعا إليها ، ووجوب طاعته في كل أمر ونهي يتعلق بأمور الدين والدنيا ، لكي يفيد إمامة الداعي ، وذلك لأنّ حسن حال الداعي إليها ، ووجوب طاعته على الإطلاق لا يعلمان إلّا بدليل آخر غير الآية لأنّها لا تدل على مدح الداعي ولا تفيد الثناء عليه لا سيما إذا لاحظتم قول النبي (ص) في الصحيح المتواتر : «إنّ الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» على ما أخرجه البخاري في صحيحه ص ٩٦ في باب العمل بالخواتيم من جزئه الرابع. على أنّ إرادة ذلك من الآية لا يتم إلّا وجه الدور الباطل عقلا ، وذلك لتوقف معنى الآية على إثبات حسن حال الداعي ، ووجوب طاعته مطلقا ، ليصح أن يكون فردا لمفهومها. فلو توقف إثبات حسن حاله ، ووجوب طاعته مطلقا ، وكونه مصداقا لها عليها ، لزم توقف وجود الشيء على وجود نفسه ، وهو دور صريح ، وبطلانه ظاهر ، وذلك مثله باطل.
رابعا : إنّ المخاطبين في الآية أناس معلومون بأنّهم يدعون إلى