بين أبي بكر (رض) وعمر (رض) يمتنعان منعا باتّا من وجوب الاقتداء بهما في شيء لاستحالة اتباعهما فيما اختلفا فيه لاستلزامه وجوب مخالفة أحدهما في اتّباع الآخر منهما ، ومخالفة صاحبه في اتّباعه ، والاقتداء به ، وقد ثبت بالضرورة من الدين والعقل أنّ الله تعالى لا يكلّف الناس بالمحال ، ولا يوجب عليهم امتثال الضدّين واتّباع النقيضين ، والجمع بين المتنافيين ، ولا يمكن لمسلم أن ينسب تشريعه إليه وهو تعالى القائل في القرآن كما تقدم (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) ولا يمكن أن يجتمع الحقّ والضلال على صعيد واحد.
أمّا اختلاف أبي بكر وعمر (رض) فحسبك في وقوعه ما حكاه الجلال السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء) عن العسكري في أوليات عمر (رض) إنّ عمر بن الخطاب (رض) هو أول من سنّ قيام شهر رمضان بالتراويح ، وأوّل من حرّم المتعة ، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات ، وأول من قال بالعدل في المواريث وأول من أخذ زكاة الخيل) وهكذا حكاه ابن سعد في طبقاته عند ترجمته لعمر (رض) من جزئه الثالث.
وأقول : وهو (رض) أوّل من أمضى طلاق الثلاث ثلاثة ، وقد كانت واحدة على عهد النبي (ص) وأبي بكر وعمر (رض) على ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ص ٥٧٤ في باب (طلاق الثلاث) من كتاب الطلاق من جزئه الثاني.
وهو (رض) أول من خالف أبا بكر (رض) في وجوب إقامة الحدّ على خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة ونكح امرأته وقد اختلفا في تولية خالد وقد عزله عمر (رض) في أول خلافته فخالف أبا بكر (رض) في توليته.
فإذا بطل وجوب الاقتداء بهما على العموم للتضاد والتنافي ثبت بطلان الحديث ووضعه.