أمّا الواقع العملي فيما اتّفقا عليه بالخصوص فمع أنّه موجب لبطلان عموم إطلاق الحديث فيقال فيه إنّه إن كان ما اتّفقا عليه موافقا للشريعة لم يكن من الاقتداء بهما في شيء ، وإنّما يكون من اتّباع الشريعة نفسها ، وإن لم يكن ما اتّفقا عليه مطابقا للشريعة حرّم العمل به والنزول عنده ، لأنّه مخالف للشريعة ، وغير مطابق لها ، وكل ما كان كذلك يجب الابتعاد عنه بالضرورة من الدين وإجماع المسلمين.
رابعا : لو كان الحديث صحيحا فما الذي يا ترى منع أبا بكر (رض) من الاحتجاج به يوم السقيفة على مخالفيه مع أنّ حذيفة ، وابن مسعود ، اللذين أسند إليهما رواية هذا الحديث كانا موجودين في المدينة على مرأى منهم ومسمع؟ ولما ذا يا ترى استند أبو بكر (رض) إلى حديث عام في قريش جميعا دون هذا الحديث فقال لمن حضر فيها : «الخلافة في قريش ولو بقي من الناس اثنان»؟.
ولما ذا يا ترى أراد أن يجعل الخلافة في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب (رض) ولما ذا قال (رض) «اختار لكم أحد هذين ، أو رضيت لكم أحد هذين الرجلين (يعنيهما)؟ ولما ذا يا ترى قال (رض) للأنصار نحن الأمراء وأنتم الوزراء على ما سجّل ذلك كلّه عليه (رض) كل من جاء على ذكر السقيفة ، وما وقع فيها من الاختلاف من مؤرّخي أهل السنّة كالطبري ، وابن الأثير ، في تاريخيهما ، وابن عبد البر في استيعابه ، وابن كثير في بدايته ونهايته ، والحلبي والدحلاني في سيرتيهما ، وغيرهم من حفّاظهم.
ولا يصحّ لكم أن تقولوا إنّ هذا الحديث قد غاب عن ذهنه أو نسيه أو غفل عنه (رض) مع قربه من النبي (ص) ، ومسيس حاجته يومئذ إلى مثله.
وليس من المغفول أن الترمذي وغيره ممّن روى هذا الحديث مع