بعدهم عن عصر الرسالة ، وعهد النبوّة ، لم يغفلوا عنه ، فاحتجوا به على خلافته (رض) وخلافة صاحبه عمر (رض) ، وأبو بكر نفسه (رض) لم يحتج به ولم يأت على ذكره كليّة ، بل لو كان الحديث صادرا عن رسول الله (ص) ونسيه أبو بكر (رض) ، أو غفل عنه ، فليس من الجائز أن يغفل عنه شريكه في الحديث عمر (رض) ، وإذا غفلا عنه أو نسياه فليس من الممكن أن ينساه المقرّبون من أصحابهما مع كثرتهم ، أو يغفلوا عنه ولم يذكروه له (رض) ليحتج به في السقيفة على من حضر فيها بل كان عليهم في الأقل أن يقول ولو واحد منهم بأنّ رسول الله (ص) قد أمرنا بالاقتداء بأبي بكر (رض) فلما ذا كل هذا التنازع ، وكل هذا الاختلاف ومن حيث أن ذلك لم يقع ، ولم يقل واحد منهم شيئا من ذلك ، علمنا أنّ الحديث لا أصل له.
خامسا : لو صحّ هذا الحديث لأوجب العصمة لأبي بكر وعمر (رض) من كل الذنوب وقضى لهما بالكمال ، ونفي السهو والخطأ عنهما ، والنسيان ، وذلك لأنّ الأمر بالاقتداء بهما ، على سبيل الجزم والإطلاق ، موجب لصواب المقتدي بهما عند الله تعالى ، وإن ما أتى به من الأعمال كلّها مقبول عنده تعالى فلو لم يكونا معصومين لم يؤمن منهما وقوع الخطأ ، وكان المقتدي بهما فيه ضالا عن الصواب ، وفاعلا من العمل ما ليس صوابا عند الله تعالى ، ولا مقبولا لديه تعالى ، وليس من الجائز في حكمة الله تعالى ، قطعا أن يوجب الاقتداء بهما مطلقا مع ارتفاع العصمة عنهما لاستلزامه ما ذكرنا والأمّة من الشيعة وأهل السنّة مجمعون على أن أبا بكر وعمر (رض) لم يكونا معصومين من الخطأ لا في الجاهلية ولا في الإسلام ، بل يكفي ثبوت اعترافهما بانتفاء العصمة عنهما بالإجماع دليلا قطعيا على بطلان الحديث.
سادسا : إنّ الحديث معارض بحديث (أصحابي كالنجوم بأيّهما اقتديتم اهتديتم) مع أنّ الأمّة من الشيعة وأهل السنّة مجمعة على نفي