وقد اتّفق العلماء كافّة على أنّ الأخيرة ليست ناسخة ، لأنّها لم ترفع حكما شرعيّا ، وإنّما جعل أهل العراق زيادة صلاة سادسة على الصلوات الخمس نسخا ، لقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(١) ، لأنّه يجعل ما كان وسطى غير وسطى.
واعترضهم قاضي القضاة (٢) بالتزام أنّ زيادة عبادة على آخر العبادات ، يكون نسخا لأنّه يجعل الأخيرة غير أخيرة ، ولو كانت الفروض عشرا خرجت عن كونها عشرا.
وفيه نظر ، لوقوع الإطلاق الشرعي على الوسطى بذلك ، بخلاف ما ذكرتموه ، وإنّما الخلاف في القسمين الأوّلين ، وهو زيادة الركعتين وزيادة العشرين في الجلد ، فقال الشيخان : أبو علي وأبو هاشم وأصحاب الشافعي إنّهما ليسا نسخا على كلّ حال.
وقال أبو عبد الله البصري وأبو الحسن الكرخي : إنّ الزّيادة نسخ على كلّ حال.
ومنهم من فصّل ، فقال السيّد المرتضى (٣) وقاضي القضاة : إن كانت الزيادة قد غيّرت المزيد عليه تغييرا شرعيّا حتّى صار المزيد عليه لو فعل بعد الزيادة على حدّ ما كان يفعل قبلها ، كان وجوده كعدمه ، ووجب استينافه كان نسخا ، كزيادة الركعتين وإلّا فلا ، كزيادة التغريب.
__________________
(١) البقرة : ٢٣٨.
(٢) نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٤٠٦.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٤٤٤.