هذه الأشياء من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باضطرار ، أمّا لو علمناه صار معلوما من جهة الشرع ، فلا يثبت رفعه بخبر الواحد والقياس.
الحكم الثامن : قوله تعالى : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(١) يفيد كون أوّل اللّيل طرفا وغاية للصيام ، كما يفيده لو قال : «آخر الصيام وغايته الليل» لأنّ لفظة «إلى» للغاية وضعا ، فإيجاب الصوم إلى غيبوبة الشفق يخرج أوّله من كونه طرفا ، مع أنّ الخطاب أفاده ، فيكون نسخا لا يقبل فيه خبر الواحد والقياس ، لأنّ نفي وجوب صوم أوّل اللّيل معلوم بدليل قاطع.
أمّا لو قال : «صوموا النهار» ثمّ ورد الخبر بإتمام الصّوم إلى غيبوبة الشفق ، لم يكن نسخا ، لأنّ النصّ لم يتعرّض في الليل بالصوم ولا بعدمه ، وإنّما نفينا صوم الليل بالأصل (٢).
وفيه نظر ، فإنّه لا فرق بين «صوموا النّهار» وبين «صوموا إلى الليل» في أنّ كلّ واحد منهما أوجب الصوم إلى اللّيل ، وهو أعمّ من تحريمه بعده وتسويغه عقلا ، نعم إن قلنا : الحكم فيما بعد الغاية يجب أن يخالف ما قبلها ، كان قوله : «صوموا إلى الليل» نسخا بخلاف «صوموا النهار».
والتحقيق : أنّ الغاية هنا إن كانت للصوم كان إيجابه بعدها نسخا ، وإن كان لوجوبه لم يكن نسخا.
الحكم التاسع : لو قال : «صلّوا إن كنتم متطهّرين» جاز أن يثبت بشرط
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) الاستدلال لأبي الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٤١٤.