آخر في الصلاة بخبر الواحد ، لأنّ إثبات بدل للشرط لا يخرجه عن كونه شرطا ، لإمكان تعدّد شرط الحكم الواحد ، بخلاف إثبات صوم جزء من الليل ، لأنّه يخرج أوّل اللّيل عن كونه غاية ، فأمّا نفي كون الشرط الآخر شرطا ، فلم يعلم إلّا بالعقل فلم يكن رفعه رفعا لحكم شرعيّ.
وكذا قوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)(١) مقتض لوجوب الطواف مطلقا مع الطهارة وبدونها ، فإيجاب الطهارة من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الطواف بالبيت صلاة» (٢) ليس نسخا لوجوب الطواف لبقائه ، ولا لإجزائه ، لأنّه لم يجزئ لوجود الشرط ، وفي الأوّل قد كان مجزئا ، لعدم الشرط الثابت بالأصل ، ولا لدلالة الأمر على عدم الشرط ، لثبوته بالأصل ، ولهذا منعت الإماميّة والشافعي من الإجزاء ، للحديث.
وأبو حنيفة لمّا لم يسعه مخالفة الخبر ، قال بوجوب الطهارة ، مع بقاء الطواف مجزئا من غير طهارة ، حيث اعتقد أنّ رفع الإجزاء نسخ للكتاب بخبر الواحد.
احتجّ القائلون : بأنّ زيادة التغريب على الحدّ نسخ ، بوجوه :
الأوّل : الجلد قد كان قبل الزيادة كمال الحدّ ، فصار بعدها بعضه ، فقد أزالت الزيادة كون الجلد كمال الحدّ.
الثاني : الجلد قد كان وحده مجزئا ، وبعد الزيادة غير مجز بانفراده ، فزال الإجزاء بالزيادة.
__________________
(١) الحجّ : ٢٩.
(٢) تقدّم تخريج الحديث في الجزء الثاني : ٤٢٢.