الثالث : قال الكرخي (١) : نسخ صوم عاشوراء ليس نسخا للصوم أصلا وقال عند ذلك : إنّ ما كان من شروط الصوم وما لم يكن من شروطه ، لا يلحقه النسخ ، فلذلك لمّا جاز صوم عاشوراء بنيّة غير مبيّتة ، لم يكن ذلك منسوخا ، وثبت مثله في شهر رمضان.
وقال أبو الحسين : «إنّ نسخ صوم عاشوراء نسخ للصّوم ، لعدم وجوب الصّوم في غير ذلك اليوم ، فرفع وجوبه فيه يقتضي رفع وجوبه على الإطلاق ، لأنّه لم يبق وقت آخر كان الصّوم واجبا فيه ، ولو قيل : «لا تصلّوا في هذا اليوم» ثمّ قيل : «لا تصلّوا فيه ، وصلّوا في يوم غيره» كانت الصلاة الأولى قد نسخت وتوجّه إلينا إيجاب عبادة أخرى بأمر آخر ، فكذا نسخ صوم عاشوراء برمضان.
وإذا كانت جملة الصّوم قد نسخت ، لم تبق شروطه ، ولم يجب أن تكون شروط الصوم الثاني هي شروط الصوم المنسوخ ، لإمكان اختلاف العبادات في الشروط.
وقول أبي الحسن الكرخي : «النسخ يتناول الوقت» ليس بصحيح ، لأنّ النسخ يرفع أحكام الأفعال دون الأوقات» (٢).
* * *
__________________
(١) نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٤١٤.
(٢) المعتمد : ١ / ٤١٦. نقله المصنّف باختلاف يسير.