لا يقال : نحن في إثبات أصل الإمام ولا نتكلم الآن في التفصيل وسبب استتاره ظاهر ، فإنّه لو كان أمن لظهر ولزجر الناس عن القبائح ، فلمّا أخافوه كان الذنب منهم.
لأنّا نقول : إن عنيتم وجوب نصب إمام كيف كان سواء كان ظاهرا أو مخفيا بأنّه لطف ، لأنّ الخلق معه أقرب إلى الطاعة ، وهذه المقدّمة لا تتمّ عند وجود إمام كيف كان ، بل عند إمام قاهر ، فيجب إثبات التفاوت بين حال الخلق مع إمام كيف كان وبدونه.
سلّمنا التفاوت ، لكن نصبه إنّما يجب لو خلا عن جميع جهات القبح ، فلو اشتمل على وجه ما من وجوه القبح لم يجب نصبه ، لأنّه يكفي في قبح الشيء اشتماله على جهة واحدة من جهات القبح ، ولا يكفي في حسنه اشتماله على جهة من جهات الحسن ما لم يخلو عن كلّ جهات القبح ، فيجب عليكم الدّلالة على خلوّ نصبه من جميع جهات القبح ولا يكفي جهة الحسن.
لا يقال : لو قدح ما ذكرتموه في كون الإمام لطفا لقدح في كون المعرفة لطفا ، لأنّ دليل كونهما لطفا هو انّها باعثة على أداء الواجبات والاحتراز عن القبائح العقليين ولم يوجب أحد بيان خلوّها عن كلّ جهات القبح ؛ ولأنّ ذلك يفضي إلى تعذّر القطع بوجوب شيء عليه تعالى لكونه لطفا لقيام الاحتمال في كلّ ما يدّعى فيه كونه لطفا ، ولأنّه لا دليل على اشتمال الإمامة على جهة قبح ، وما لا دليل عليه يجب نفيه ، ولأنّ جهات القبح محصورة