نحو كون الفعل كذبا أو ظلما أو جهلا أو غير ذلك من الوجوه ، وهي منتفية (١) عن الإمام.
لأنّا نقول : هذا الاحتمال إن تحقّق في المعرفة وجب الجواب عنه في الموضعين ولا يحكم بسقوطه ، لتعذّر الجواب عنه ، وإن حصل الفرق بين المعرفة والإمامة بطل القياس ، ثمّ الفرق أنّ معرفته تعالى لطف يجب علينا فعله ، ويكفي في الإيجاب علينا العلم باشتمال المعرفة على المصلحة وعدم العلم باشتمالها على المفسدة ، لأنّه يفيد ظن انتفاء المفسدة ، والظن في حقنا قائم مقام العلم في اقتضاء العمل.
أمّا الإمامة فهي لطف بوجوبها على الله تعالى ، ولا يكفي في الإيجاب عليه تعالى ظن كونها لطفا ، لأنّه تعالى عالم بجميع المعلومات ، فيجب إثبات خلو الفعل عن جميع جهات القبح حتّى يمكن إيجابه عليه تعالى ؛ ونحن لا نقول في فعل معيّن إنّه لطف فيجب عليه تعالى ، لقيام الاحتمال فيه ، بل نقول كلّ ما يكون لطفا في نفسه فإنّه يجب على الله تعالى فعله ، فيندفع الاحتمال ؛ وما لا دليل عليه في نفس الأمر لا يجب نفيه فضلا عمّا لا دليل عليه في علمنا ، فإنّه لو وجب نفي ما لا يعلم عليه دليلا لوجب على العوام نفي أكثر الأشياء ، لعدم علمهم بأدلّتها.
ونمنع أيضا عدم دليل في نفس الأمر ، فلعلّه وجد ولا نعلم به ، ولا يكفي : «بحثت ما وجدت» ، لأنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.
__________________
(١) في «أ» : منفية.