مشاقّة الرسول واتّباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد ، فيشتركان في التحريم ، لقبح الجمع بين المحلّل والمحرّم في التوعّد ، فلا يقال : إن زنيت وشربت الماء عاقبتك ، وإذا حرم اتّباع غير سبيل المؤمنين ، وهو عبارة عن متابعة قول وفتوى (١) يخالف قولهم وفتواهم ، وجب أن يكون متابعة قولهم وفتواهم واجبة ، إذ لا خروج عن القسمين.
والاعتراض من وجوه :
الأوّل : لا نسلّم تحريم متابعة غير سبيل المؤمنين مطلقا ، بل جاز اشتراط التحريم بمشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا مطلقا ، ولا يلزم : إن زنيت وشربت الماء عاقبتك ، لإباحة الشرب مطلقا ومقيدا.
__________________
ـ سبيل غيرهم هو معاداة الرسول ومناقشته ؛ فأي صلة للآية بحجّية اتّفاق المؤمنين على حكم من الأحكام.
وبعبارة أخرى : أنّ الموضوع للجزاء في الآية مركّب من أمرين :
أ. معاداة الرسول.
ب. سلوك غير سبيل المؤمنين.
فعطف أحدهما على الآخر بواو الجمع وجعل سبحانه لهما جزاء واحدا وهو قوله : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ).
وبما أنّ معاداة الرسول وحدها كافية في الجزاء ، وهذا يكشف عن أنّ المعطوف عبارة أخرى عن المعطوف عليه ، والمراد من اتّباع غير سبيل المؤمنين هو شقاق الرسول ومعاداته وليس أمرا مغايرا معه كما حسبه المستدل.
وثانيا : أنّ سبيل المؤمنين في عصر الرسول هو نفس سبيل الرسول ، فحجّية السبيل الأوّل لأجل وجود المعصوم بينهم وموافقته معه ، فلا يدلّ على حجّية مطلق سبيل المؤمنين بعد مفارقته عنهم. راجع «الوسيط في أصول الفقه» : ٢ / ٣٣ ـ ٣٤.
(١) في «ب» و «ج» : قولهم وفتواهم.