سلّمنا ، فلم قلتم : إنّها مانعة من التكليف به ، فإنّه تعالى كلّف أبا لهب بالإيمان ، ومن جملته تصديق الله تعالى في جميع ما أخبر به ، ومن جملته أنّه لا يؤمن فيكون مكلفا بأنّ يؤمن بأنّه لا يؤمن ؛ وكذا في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(١) ، فأولئك كانوا مكلّفين بالإيمان ، ومن جملته تصديقه بهذا الخبر.
الثاني : الآية إنّما تدلّ على تحريم متابعة غير سبيل المؤمنين بشرط تبيّن الهدى لا مطلقا ، لأنّه تعالى ذكر المشاقّة وشرط فيها تبيّن الهدى ثمّ عطف الاتّباع ، فيجب اشتراط التبيّن في التوعّد على الاتّباع قضية للعطف ؛ واللام في الهدى للاستغراق ، فلا يحصل التوعّد على اتّباع غير سبيل المؤمنين إلّا بعد تبيّن جميع أنواع الهدى ، ومن جملته الدّليل الذي ذهب المجمعون إلى الحكم باعتباره ، فتنتفي (٢) فائدة الإجماع حينئذ ؛ ولأنّ من قال لغيره : إذا ظهر لك صدق فلان فاتّبعه ، فهم منه ظهور صدق قوله بشيء غير قوله ، فكذا هنا وجب أن يكون تبيّن صحّة إجماعهم بشيء غير إجماعهم ، وإذا توقّف التمسّك بالإجماع على دليل منفصل يدلّ على صحّة ما أجمعوا عليه ضاعت فائدته.
الثالث : نمنع التوعّد على متابعة كلّ ما كان غير سبيل المؤمنين ، لأنّ لفظي الغير والسبيل ليسا للعموم.
__________________
(١) البقرة : ٦.
(٢) في «ب» : فيبقى ، وفي «ج» : فينبغي.