الثاني عشر : دلالة الآية على الإجماع ظنّية لما تقدّم من أنّ دلالة الألفاظ ظنّية ، والمسألة قطعية فلا يجوز التمسّك فيها بالظنّي ، ولا يمكن جعل المسألة ظنية لأنّ أحدا لم يقل إنّ الإجماع بصريح القول ظنّي ، بل بعضهم نفى كونه دليلا أصلا ، وبعضهم جعله قطعيا ، فكونه ظنيا ثالث لم يقل به أحد. والعجب أنّ الفقهاء أثبتوا الإجماع بعمومات الآيات والأخبار ، وأجمعوا على أنّ منكر ما تدلّ عليه العمومات لا يكفّر ولا يفسّق إذا كان عن تأويل ، ثمّ يقطعون بما دلّ عليه الإجماع وبكفر مخالفه أو فسقه ، فجعلوا الفرع أقوى من الأصل!
الثالث عشر : المعارضة بالكتاب والسنّة والعقل.
أمّا الكتاب فالآيات الدالّة على منع كلّ الأمّة من القول الباطل والفعل الباطل ، كقوله : (لا تَقُولُوا) (١) (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ)(٢) ، والنهي إنّما يصحّ عن المتصوّر.
وأمّا السنّة فوجوه :
أ. قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تقوم الساعة إلّا على شرار أمّتي. (٣)
ب. لم يذكر معاذ الإجماع ، ولو كان دليلا شرعيا لذكره ولبيّنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لامتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة.
__________________
(١) راجع البقرة : ١٠٤ ؛ النساء : ٩٣ و ١٧١ ؛ النحل : ١١٦.
(٢) البقرة : ١٨٨.
(٣) صحيح مسلم : ٨ / ٢٠٨ ، باب قرب الساعة ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ؛ مسند أحمد : ١ / ٣٩٤ ؛ مستدرك الحاكم : ٤ / ٤٩٤ ؛ مسند أبي داود الطيالسي : ٤٠ ؛ صحيح ابن حبان : ٥ / ٢٦٤. وفيها : الناس بدل «أمّتي».