وعدالتهم من الله تعالى إذ لا فعل لهم.
وفيه نظر ، لما تقدّم من اسناد الأفعال إلى العبد ، نعم لما خلق القدرة والآلات والألطاف المقربة إلى العدالة صحّ إضافة الفعل إليه تعالى.
وعن الثالث : أنّ بعضهم أنكر الصغيرة مطلقا ، بل كلّ ذنب صغير بالنسبة إلى ما فوقه كبير بالنّسبة إلى ما تحته ، فسقط السؤال.
ومن اعترف به قال : إنّه تعالى عالم بالباطن والظاهر فلا يجوز أن يحكم بعدالة أحد وصحّة شهادته إلّا مع مطابقة المخبر عنه للخبر ، فلمّا أطلق تعالى القول بعدالتهم وجب عدالتهم في كلّ شيء ، بخلاف شهود الحاكم حيث يجوز شهادتهم وإن جاز عليهم الصغيرة ، إذ لا سبيل للحاكم إلى معرفة الباطن فاكتفى بالظاهر.
وفيه نظر ، لأنّ علمه تعالى بالباطن والظاهر ووصفه بعدالتهم لا يقتضي امتناع الصغائر عليهم ، لأنّها لا تنافي العدالة ، وليس المقتضي لقبول الشهادة مع الصغائر خفاءها عن الحاكم ، ولا المقتضي لردّ الشهادة مع الكبائر ظهورها عند الحاكم ، فإنّه لو انعكس الفرض لم يتغيّر الحكم ، ووصفهم بالعدالة لا يقتضي الحكم بصحّة الشهادة وإن وجب الحكم بها ، ولو علم الحاكم الصغيرة لم يمتنع (١) عن قبول الشهادة.
وهذا الجواب ذكره أبو الحسين (٢) عن اعتراض (٣) آخر ، وهو أنّ
__________________
(١) في «أ» : يمنع.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٥ ـ ٦.
(٣) في «أ» : احتراز.