والجواب عن الأوّل : المخاطب ليس كلّ واحد ، لأنّه وصف المخاطب بهذا (١) الخطاب بكونه خير أمّة ، فلو كان كلّ واحد من الأمّة لزم وصف كلّ واحد بأنّه أمّة ، وليس كذلك إلّا على المجاز ، لتبادر فهم المجموع في قولهم حكمت الأمة بكذا ؛ ولأنّه يلزم أن يكون كلّ واحد خير أمّة أخرجت للناس ، فيكون كلّ واحد خيرا من صاحبه الذي هو خير منه ، فإذن الخطاب للمجموع كقول الملك لعسكره : أنتم خير عسكر تفتحون البلاد وتكسرون الجيوش ، ولا يفهم وصف الملك كلّ واحد بذلك ، بل المجموع بمعنى أنّ في العسكر من هو كذلك ، فكذا هنا وصف الله تعالى المجموع بالآمر بالمعروف بمعنى أنّ فيهم من هو كذلك ، وحمله على المعصوم باطل ، لأنّه واحد ولفظ الأمّة للجمع.
وفيه نظر ، لأنّ المعنى إذا كان في الأمّة من هو كذلك جاز أن يكون واحدا.
وعن الثاني : أنّ في الأمّة من يحمله على العموم ، ولأنّ المعروف إن لم يكن للاستغراق كان للماهية ، فيكفي في العمل به ثبوته في صورة واحدة ، فيكون معناه أنّهم أمروا بمعروف واحد ونهوا عن منكر واحد ، وهو حاصل في جميع الأمم ، لأنّ كلّ واحد منهم قد أمر بمعروف واحد ونهى عن منكر واحد وهو الكفر ، فلا تكون هذه الأمّة خيرا من جميع الأمم ، فيحمل على الاستغراق تحصيلا للغرض.
__________________
(١) في «أ» : بعد.