وأخبار الآحاد والاجتهاد ، على أنّ شرعنا منقطع بانقطاع التكليف كانقطاع شرع من قبلنا بالنسخ ، فدوام كلّ واحد من الشرعين كدوام الآخر أو يقاربه ، فكما لا يجب قول إحدى الأمّتين حجّة لم يجب في الأخرى مثله.
احتج المنكرون بوجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(١) ، وصف الكتاب العزيز بأنّه مبيّن لكلّ شيء ، ومن جملته الأحكام التي أجمعوا عليها ، فلا حاجة إلى الإجماع.
الثاني : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٢) اقتصر على الكتاب والسنّة ، وهو ينفي الحاجة إلى الإجماع.
الثالث : الآيات الدالّة على وقوع الذنب من مجموع الأمّة كقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣) ، و [قوله :] (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)(٤) ، وغيرهما يدلّ على وقوع الخطاء من مجموع الأمّة فجاز أن يكون إجماعهم منه.
الرابع : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ» (٥) دلّ على خلو الزمان من جمع تقوم الحجّة بقولهم. وكذا : «ولا ترجعوا بعدي كفارا». وقوله : «تعلّموا الفرائض وعلّموها الناس بعدي فإنّها أوّل ما ينسى» وقال :
__________________
(١) النحل : ٨٩.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) البقرة : ١٦٩.
(٤) البقرة : ١٨٨.
(٥) صحيح مسلم : ١ / ٩٠ ، باب بيان أنّ الإسلام بدأ غريبا ؛ كنز العمال : ١ / ٢٣٨ برقم ١١٩٣ و ٣٩٢ برقم ١٦٨٩ ؛ الغيبة للنعماني : ٣٢٢ ؛ بحار الأنوار : ٥٢ / ٣٦٧ ح ١٥٠.