اشتمل على قول المعصوم ، فيكون الثاني باطلا ، فالثالث أولى بالبطلان.
احتجّ النافون بوجوه :
الأوّل : القول الثالث إنّما يجوز لو أمكن كونه حقّا ، ولا يمكن ذلك إلّا عند بطلان الأوّلين ضرورة انّ الحقّ واحد ، فيلزم إجماعهم على الباطل.
الثاني : الأمّة لمّا اختلفت أوجب كلّ من الفريقين الأخذ إمّا بقوله أو بقول الآخر ، فتجويز الثالث يبطل ذلك وهو حجّة القاضي عبد الجبار. (١)
الثالث : القول الثالث إن لم يكن عن دليل كان خطاء فيمتنع القول به ، وإن كان لزم نسبة الأمّة إلى الخطاء بتضييعه وغفلتهم عنه ، وهو حجّة الغزالي. (٢)
والاعتراض على الأوّل : أنّه غير وارد على القائل بأنّ كلّ مجتهد مصيب ، فإنّه لا يلزم من حقّية أحد الأقسام بطلان الباقي ؛ وأمّا من يعتقد وحدة المصيب لم يلزم من التمكّن من إظهار القول الثالث كونه حقّا ، لأنّ المجتهد قد تمكّن من العمل بالاجتهاد الخطأ.
وفيه نظر ، لأنّ المجتهد إنّما يتمكّن من العمل بالاجتهاد الخطأ إذا لم يعلم كونه خطأ أمّا مع علمه فلا ، وهنا لمّا اتّفقت الأمّة على قولين فإن كان الحق خارجا عنهما لزم اتّفاقهم على الخطأ ، وإن لم يكن كان الثالث معلوم الخطأ فلا يمكن العمل به.
__________________
(١) الإحكام للآمدي : ١ / ٣٣١.
(٢) المنخول من تعليقات الأصول للغزالي : ٤١٧ ؛ الإحكام للآمدي : ١ / ٣٣٠.