وعلى الثاني : أنّ إيجاب الأخذ بأحد القولين مشروط بأن لا يظهر الثالث ، فإذا ظهر زال شرط ذلك الإجماع.
لا يقال : لو جاز ذلك لجاز أن يقال : إنّما أوجبوا التمسّك بالإجماع على القول الواحد بشرط أن لا يظهر وجه القول الثاني ، فإذا ظهر زال شرط ذلك الإجماع ، فجاز الخلاف.
لأنّا نقول : إنّه جائز لكنّهم منعوا من اعتباره فليس لنا ان نحكم عليهم بوجوب التسوية.
وفيه نظر ، لأنّ كلّ واحد منهما يعتقد أنّه على الحق وأنّ القول المخالف له غلط ، فقد أجمعوا على تخطئة الثالث ، ونمنع أنّ كلّ منهما سوّغ الأخذ بقوله أو بقول صاحبه.
وعلى الثالث : انّما يلزم نسبة الأمّة إلى الخطأ لو كان الحقّ في المسألة معيّنا ، أمّا على تقدير إصابة كلّ مجتهد فلا.
احتج المجوّزون بوجوه : (١)
الأوّل : الاختلاف على قولين دليل تسويغ الاجتهاد ، والثالث صدر عن اجتهاد فكان سائغا.
الثاني : لو استدلّ الصحابة بدليل جاز للتابعين الاستدلال بغيره ، فكذا القول هنا.
الثالث : الوقوع ثابت فيكون جائزا والملازمة ظاهرة. وبيان المقدّمة : انّ الصّحابة اختلفوا في زوج وأبوين وفي زوجة وأبوين ، فقال ابن عباس :
__________________
(١) ذكر الآمدي الوجوه والجواب عنها في الإحكام : ١ / ٣٣٣.