قال المرتضى : هذا على مذهبنا ظاهر ، لأنّ المعتبر قول المعصوم ، فإذا فرض الإجماع على أحد القولين فقد فرض دخول الإمام فيه فيكون حقّا ، إنّما الإشكال عند المخالفين لقولهم بصحّة الاجتهاد. (١)
احتجّ المانعون بأنّ الإجماع واقع من الطائفتين على جواز الأخذ بأي القولين كان إذا أدّى الاجتهاد إليه ؛ فلو أجمعوا على أحدهما كان الإجماعان حقّين ، فيكون المتأخّر ناسخا للمتقدّم ، لكن نسخ الإجماع والنسخ به باطل على ما مرّ ، ولأنّه لو جاز ذلك لجاز أن يتّفق أهل عصر على قول ويتّفق أهل العصر الثاني على خلافه.
والجواب منع إجماعهم على الأخذ بأي القولين كان ، لأنّ أحدهما لا بد وأن يكون خطأ ؛ لقوله عليهالسلام : «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران» (٢) ، ولا يجوز إجماع الأمّة على الخطأ.
سلّمنا ، لكن مطلق أو (٣) بشرط عدم الاتّفاق ، الأوّل ممنوع والثاني مسلّم ، لكن الاتّفاق قد وقع فيزول المشروط بعدمه.
سلّمنا ، لكنّهم جوّزوا الأخذ بأحد القولين ، فإذا أجمعوا عليه كان موافقا لاجماعهم ، وموافق الإجماع صواب لا خطاء ، ولأنّه لو اتّفق أهل العصر إلّا واحدا على حكم وخالفهم عليه ذلك الواحد لم يمتنع أن يظهر له ما ظهر لنا في العصر وأن يؤدّيه اجتهاده إلى تصويبهم وأنّه قد كان على
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٦٣٠.
(٢) تفسير ابن كثير : ٣ / ١٩٦ ؛ شرح صحيح مسلم للنووي : ١١ / ٩١.
(٣) في «أ» : و.