عصر التابعين كالكلام في عصر الصحابة فجاز أن لا ينقرض عصرهم حتى يحدث تابع التابعين فيكون إجماعهم مشروطا بموافقته ، وهكذا.
لا يقال : يشترط انقراض عصر المجتهدين عند حدوث الواقعة لا من تجدد فلا يلزم اعتبار عصر التابعين إذا حدث فيهم مجتهد بعد الواقعة.
لأنّا نقول : على تقدير أن يحدث في التابعين واحد من المجتهدين قبل انقراض عصر المجتهدين من الصحابة عند الواقعة ، وكذا يحدث في تبع التابعين قبل انقراض عصر من كان مجتهدا من التابعين ، وهلمّ جرّا إلى زماننا ، يلزم عدم تحقّق الإجماع على ذلك التقدير ، وهذا الاحتمال متحقّق في كلّ إجماع فلا ينعقد إجماع ما.
اعترض أبو الحسين (١) بأنّ من اشترط انقراض العصر اختلفوا في إدخال من أدرك من التابعين في إجماعهم فقال أحمد بن حنبل (٢) : لا مدخل للتابعي في إجماع أهل ذلك العصر مع أنّه يشترط انقراض العصر ، وفائدته تجويز رجوع المجمعين أو بعضهم عمّا أجمعوا عليه ، وحينئذ يندفع الإشكال. وبتقدير تسليم دخول التابع لهم في إجماعهم فلا يمتنع أن يكون الشرط هو انقراض عصر المجمعين عند حدوث الحادثة ، واعتبار موافقة من أدرك ذلك العصر من المجتهدين لا عصر من أدرك عصرهم ، فيندفع الإشكال.
وفيه نظر ، فإنّ المجتهد التابعي المتجدّد يجوز له المخالفة إذا لم يسبقه
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٤٢.
(٢) ذكره الآمدي في الإحكام : ١ / ٣١٨ ، المسألة السادسة عشرة.