إجماع مخالف له هو حجّة عليه ، وإنّما تسوغ المخالفة لو احتمل كون قول المجمعين خطاء ، إذ لو لاه لم يجز له المخالفة وانقراضهم لا يوجب تصويب قولهم وصيرورته حقّا قطعا ، فقول أحمد ليس بجيّد ، وعدم اشتراط انقراض عصر التابعي ـ مع أنّه من أهل الإجماع وقوله شرط فيه ومعتبر في تحقّقه واشتراط انقراض غيره ـ تحكّم محض ، لأنّ المقتضي لاشتراط الانقراض هو إمكان رجوع بعضهم عن قوله إلى ما يخالفه لظهور دليل عنده ثابت هنا.
الرابع : لا خلاف في أنّ الإجماع حجّة بعد انقراض العصر ، والحجّة ليست في انقراض العصر وإلّا لكان حجّة من دون الاتّفاق ، وهو باطل قطعا ؛ ولا في مجموع الأمرين ، وهو اتّفاقهم وانقراض العصر ، وإلّا لكان موتهم مؤثرا في كون أقوالهم حجّة ، وهو محال كما في موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالمؤثر في كونه حجّة هو الاتّفاق لا غير.
اعترض بجواز كون اتّفاقهم حجّة بشرط عدم المخالف لهم في عصرهم.
احتجّ المخالف بوجوه (١) :
الأوّل : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٢) ، فلو لم يسوغ لهم الرجوع عمّا أجمعوا عليه لكانوا شهداء على أنفسهم.
الثاني : سئل علي عليهالسلام عن بيع أمّهات الأولاد؟ فقال : «كان رأيي ورأي
__________________
(١) ذكر الآمدي هذه الوجوه والجواب عنها في الإحكام : ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٢.
(٢) البقرة : ١٤٣.