وأمّا التأويل الجديد فإن لزم من ثبوته القدح في التأويل المتقدّم لم يصحّ ، كما لو فسّروا المشترك بأحد معنييه ثمّ جاء قوم فسّروه بالآخر ، لأنّ المشترك لا يجوز إرادة معنييه منه ؛ فصحّة هذا التأويل تقتضي فساد المتقدّم ، أو يقال : إنّه تعالى تكلم باللفظة مرتين ، وهو باطل ، لانعقاد الإجماع على ضده.
وإن لم يلزم من صحّة التأويل الجديد فساد المتقدّم ، فإن كان أهل العصر الأوّل قد نصّوا على إبطال الجديد من التأويل والدّليل لم يجز إحداثه لما فيه من تخطئة الأمّة فيما أجمعوا عليه ؛ وإن نصّوا على صحّته جاز إحداثه قطعا ، إذ لا تخطئة فيه ؛ وإن سكتوا عن الأمرين فقد ذهب الجمهور إلى جوازه ، وهو الحقّ ، وقال آخرون بالمنع.
لنا : إنّ الناس في كلّ وقت يستخرجون أدلّة ويتأوّلون بتأويلات متجدّدة من غير إنكار أحد ، فكان إجماعا.
احتجّ المخالف بوجوه : (١)
الأوّل : الدّليل الجديد مغاير لسبيل المؤمنين فيكون حراما ، لقوله [تعالى] : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢).
الثاني : قوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ)(٣) خطاب مع الحاضرين ، فلا
__________________
(١) ذكر هذه الوجوه والجواب عنها أيضا الرازي في محصوله : ٢ / ٧٧ ؛ والآمدي في الإحكام : ١ / ٣٣٧ ، المسألة ٢١.
(٢) النساء : ١١٥.
(٣) آل عمران : ١١٠.