يتناول ما عدا العصر الأوّل ، وقوله : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)(١) يقتضي كونهم آمرين بكلّ معروف ، فكلّ ما لم يأمروا به ولم يذكروه لم يكن معروفا فيكون منكرا.
الثالث : لو كان الدّليل الثاني والتأويل الجديد صحيحا لم يجز ذهول الصحابة عنه مع تقدّمهم في العلم.
والجواب عن الأوّل : قوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) خرج مخرج الذم ، فيختصّ بمن اتّبع ما نفاه المؤمنون ، وما لم يتعرض له المؤمنون بنفي أو إثبات لا يقال فيه : إنّه اتّباع لغير سبيل المؤمنين.
والحاصل : أنّ الذمّ على ترك العمل بما اتّفقوا عليه من نفي أو إثبات ، والمحدث للدليل الثاني والتأويل غير تارك لدليل أهل العصر الأوّل ولا لتأويلهم ، بل غايته ضم دليل إلى آخر ، وتأويل إلى آخر ولم يترك ما نهوا عنه ، إذ التقدير انّهم لم ينهوا عن الدّليل الثاني ؛ وأيضا الحكم بفساد ذلك الدّليل لم يكن سبيلا للمؤمنين ، فوجب كونه باطلا.
وعن الثاني : المعارضة بقوله : (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(٢) يقتضي نهيهم عن كلّ منكر ، فلمّا لم ينهوا عن الدّليل الثاني والتأويل الثاني لم يكن منكرا.
وعن الثالث : أنّهم اكتفوا بالدّليل الواحد والتأويل الواحد عن غيره ، فلم يطلبوا الزيادة.
__________________
(١) آل عمران : ١١٠.
(٢) آل عمران : ١١٠.