اعترض على الأوّل : بأنّ تلك الأدلّة لا تمنع كون إجماع أهل المدينة حجّة ، فجاز إثباته بدليل منفصل.
وعلى الثاني : بجواز اختصاص أهل بلدة معينة بالعصمة ، كما أنّه لا استبعاد في تخصيص أهل زمان معين به. (١)
وعلى الثالث : أنّه قياس طردي في مقابلة النص فيكون باطلا ، وليس بجيد ، لأنّ أدلّة الإجماع لا تتناول أهل المدينة خاصة مع أصالة عدم كون إجماعهم حجّة ، فيبقى الأصل سالما عن معارضة الأدلّة ؛ وفرق بين عصمة أهل زمان وعصمة أهل بلد ، لأنّ الأمكنة متساوية ، ولو خرج أهل المدينة عن بلدهم لم يتغير وصفهم بخلاف الأزمان ، على أنّا نقول عصمة هذه الأمّة لا باعتبار الزمان ، بل لحصول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم ، والنص مدفوع الظاهر بالإجماع ، فيجب التأويل بعد تسليمه ، ولم يحتجّ فيه بالقياس ، بل بأمر قطعي هو خروج المكلّف عن وصف الطّاعة عند انتقاله من مكانه ، وهو غير معقول.
احتجّ مالك بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد». (٢) والخطاء خبث فيكون منفيا عنهم ، وبسببه (٣) عملهم بروايتهم ، ولأنّ العادة تقضي بأنّ مثل هذا الجمع المنحصر من العلماء اللاحقين بالاجتهاد لا يجمعون إلّا عن راجح.
__________________
(١) في المحصول : ٢ / ٨٠ : بالعصمة.
(٢) عوالي اللآلي : ١ / ٤٢٩ ح ١٢٣ ؛ مستدرك الوسائل : ١٠ / ٢٠٨ ح ١١٨٦٨.
(٣) في «أ» : نفسه.