وأيضا ، فقد بيّنا أنّ الكفّار مخاطبون بالشرائع ، فالنسخ قد يتناولهم وإن عصوا بالترك ، وإذا جاز ذلك فيهم ، جاز في غيرهم.
الثاني : نسخه قبل حضور وقته ، أو نقضه ، وقد اختلف الناس في ذلك : فمنعه المعتزلة وبعض أصحاب أبي حنيفة ، وأبو بكر الصيرفي من الشافعية.
وذهب الأشاعرة وأكثر الشافعية إلى جوازه.
والحق الأوّل لوجوه :
الأوّل : لو جاز ذلك لزم كون الشخص الواحد مأمورا به ، منهيّا عنه عن فعل واحد في وقت واحد على وجه واحد ، والتالي محال ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ المسألة مفروضة فيه ، فإنّه لمّا أمره غدوة بصلاة ركعتين عند الغروب ، ثمّ نهاه وقت الظهر عن صلاة ركعتين عند الغروب ، فقد تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد في وقت واحد من وجه واحد (١) ومكلّف واحد ومكلّف واحد ، حتّى لو اختلّ شرط منها لم تكن صورة النزاع.
ولأنّ قوله : صلّ عند الغروب ركعتين ، موضوع للأمر بالصلاة في ذلك الوقت لا غير ، لغة وشرعا ، وقوله : لا تصلّ عند الغروب ركعتين ، موضوع للنهي عنها في ذلك الوقت لغة وشرعا.
ولأنّ النّهي لو تعلّق بغير ما تعلّق به الأمر ، فإن كان المنهيّ عنه أمرا ،
__________________
(١) في «ب» و «ج» : من جهة واحدة.