يلزم من الانتهاء عنه وقوع الخلل في متعلّق الأمر ، فيكون المتأخّر رافعا للمتقدّم استلزاما ، فيتوارد الأمر والنهي على شيء واحد في وقت واحد من وجه واحد.
وإن لم يلزم ، لم يكن صورة النزاع.
ولأنّا أجمعنا على أنّ الأمر بالشيء يجامع النّهي عن غيره ، إذا لم يلزم من الانتهاء عنه الإخلال بالمأمور به.
وبيان بطلان التالي : أنّ متعلّق الأمر إن كان حسنا ، استلزم النهي عنه القبيح أو الجهل ، أو الحاجة ، وإن كان قبيحا ، استلزم الأمر به أحدها ، واللوازم ممتنعة في حقّه تعالى.
الثاني : إذا أمر بالفعل في وقت معيّن ، ثمّ نهى عنه ، فقد بان أنّه لم يرد إيقاعه ، ويكون قد أمر بما لم يرده ، ولو جاز ذلك ، لم يبق لنا وثوق بأقوال الشارع ، لجواز أن يكون المراد بذلك القول ضدّ ما هو دالّ على إرادته ، وهو محال.
الثالث : أنّه يفضي إلى أن يكون الفعل الواحد مأمورا به منهيّا عنه ، والأمر والنهي عند المجوّزين كلامه تعالى ، وكلامه صفة واحدة ، فيكون الكلام الواحد أمرا ونهيا بشيء واحد في وقت واحد ، وهو محال.
اعترضوا (١) على الأوّل : بأنّه مبنيّ على الحسن والقبح العقليّين ، وهو ممنوع.
__________________
(١) من المعترضين الآمدي في الإحكام : ٣ / ٩١ ، والرازي في محصوله : ١ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥.