وذهب آخرون إلى أنّه لا عبرة بمخالفته أصلا. وهو مذهب بعض المتكلّمين ، وأحمد في رواية.
احتجّ الجمهور (١) بأنّه لو كان قول التابعي باطلا لما جاز رجوع الصحابة إليهم ، لكنّهم رجعوا إليه. روي أنّ ابن عمر سئل عن فريضة فقال : سلوا سعيد بن جبير فإنّه أعلم بها. (٢)
وكان أنس يسأل عن شيء فيقول : سلوا مولانا الحسن فإنّه سمع وسمعنا ، وحفظ ونسينا. (٣)
وسئل ابن عباس عن النذر بذبح الولد؟ فأشار إلى مسروق ، ثمّ أتاه السائل بجوابه ، فتابعه عليه. (٤)
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : تذاكرت أنا وابن عباس وأبو هريرة في عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها ، فقال ابن عباس : عدّتها أبعد الأجلين ، وقلت أنا : عدّتها أن تضع حملها ، وقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، فسوغ ابن عباس لأبي سلمة أن يخالفه مع أبي هريرة (٥) ، إلى غير ذلك من الوقائع.
__________________
(١) وهو قول الرازي في المحصول : ٢ / ٨٣ ؛ والآمدي في الإحكام : ١ / ٣٠٠.
(٢) الطبقات الكبرى : ٥ / ١٤١.
(٣) مصنّف ابن أبي شيبة : ٨ / ٣٠٦ برقم ٧٤ ؛ الطبقات الكبرى : ٧ / ١٧٦.
(٤) خلاصة عبقات الأنوار : ٣ / ٢٣٣.
(٥) صحيح البخاري : ٦ / ٦٧ ، تفسير سورة الطلاق ؛ صحيح مسلم : ٤ / ٢٠١ ، باب انقضاء عدة المتوفّى عنها زوجها من كتاب الطلاق.