خبرا عن أمور موجودة في زماننا ، كالإخبار عن البلدان النائية ؛ أو عن أمور ماضية ، كالإخبار عن وجود الأنبياء والملوك الماضين.
وأنكره السّمّنيّة (١) والبراهمة وقالوا : إنّه يفيد الظنّ.
ومنهم من يسلم إفادته العلم لو كان عن أمور موجودة في زماننا لا في الأمور السالفة.
لنا (٢) : انّا نجد أنفسنا جازمة بوجود البلاد النائية والأمم الخالية والأنبياء والملوك الماضية جزما ضروريا جاريا مجرى جزمنا بالمشاهدات ، فالمنكر لها مكابر.
فإن قيل : الظنّ لا شك في وجوده أمّا العلم فلا ، لكن الظنّ إذا كان قويا اشتبه بالعلم ، وهو هنا كذلك لا أنّه معلوم.
أمّا أوّلا ، فلأنّه فرع تصوّر إجماع الخلق الكثير على الإخبار بشيء واحد ، وهو ممنوع لاختلافهم في الأمزجة والأخلاق والآراء والأغراض وقصد الصدق والكذب ، وكما لا يتصوّر اتّفاق الخلق الكثير على أكل طعام واحد معيّن واتّفاق أهل بلد على محبة الخير أو الشر ، كذا لا يتصوّر اتّفاقهم على الصدق.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ كلّ واحد يجوز عليه الكذب حالة الانفراد فكذا حالة
__________________
(١) السمنية : قوم من أهل الهند دهريون ، من عبدة الأصنام ، تقول بالتناسخ ، وتنكر وقوع العلم بالإخبار. لسان العرب : ١٣ / ٢٢ ، مادة «سمن».
(٢) وهو قول الرازي أيضا في المحصول : ٢ / ١٠٨ ، الباب الأوّل ، المسألة الثانية.