فيه أحد ، لأنّ الضروريات لا يخالف فيها.
والجواب من حيث الإجمال ، ومن حيث التفصيل.
أمّا من حيث الإجمال : فهو أنّ ذلك تشكيك في مقابلة الضروري ، فلا يسمع كشبه السوفسطائية. (١)
وأمّا من حيث التفصيل : فلو جوّزنا مساواته للظنّ لتطرق في كلّ ضروري ذلك ، واجتماع الخلق الكثير على الإخبار بمحسوس ليس بمحال ، لجواز وقوعه بينهم بخلاف اجتماعهم على أكل شيء معين. وجواز الكذب على كلّ واحد لا يستلزم جوازه على المجموع من حيث هو مجموع ، والمجموع وإن كان هو الآحاد لكن لا كلّ واحد ، ولا يمكن اجتماع الخلق الكثير على الإخبار بما يناقض ما أخبر به الخلق الكثير إذا كان كلّ منهما مفيدا للعلم ، ففرضه محال.
وتواتر اليهود انقطع في قضية بخت نصر (٢) ، والنصارى لا تواتر لهم في المبدأ لقلّتهم جدّا.
__________________
(١) السوفسطائية وهم طائفة من اليونان عرفوا بالحكمة المموهة وتعني المغالطة وجحد العلوم ، وبالعربية : التناقضية ، يقولون : لا علم ومعلوم ، واحتجّوا باختلاف الناس وانتصاف بعضهم من بعض. انظر تلبيس ابليس : ٤٩ ـ ٥١ ؛ تاريخ اليعقوبي : ١ / ١٤٨.
(٢) بخت نصر ـ بالتشديد ـ ملك بابل (٦٠٥ ـ ٥٦٢ ق. م) احتلّ فلسطين وخرب اورشليم وسبى اليهود ٥٨٦ ق. م وأحرق التوراة وقتل منهم مقتلة عظيمة. بخت نصر يعني ابن الصنم لأنّه وجد عند صنم ولم يعرف له أب فنسب إليه ويعرف بنبوخذنصّر. راجع المنجد قسم الاعلام : ٧٠٦ ؛ تاج العروس : ٧ / ٥٢٩ ، مادة «نصر».