وأقليدس (١) ، وبين علمنا بأنّ الواحد نصف الاثنين ، وانّه لا واسطة بين النفي والإثبات ، لكن التفاوت معلوم وإنّما يحصل لو تطرق احتمال إلى الاعتقاد الثاني ، وقيام الاحتمال فيه كيف كان يخرجه عن كونه يقينا.
الخامس : الجزم بوجود مقتضى الخبر ليس أقوى من الجزم بأنّ ما شاهدناه ثانيا هو الذي شاهدناه بالأمس مع أنّه ليس بقطعي ، لجواز أن يخلق الله تعالى مثله من كلّ وجه ، وهذا التجويز ثابت عند المسلمين والفلاسفة.
لا يقال : تجويز كونه مغايرا لما شهدته بالأمس يؤدي إلى الشكّ في المشاهدات ، والله تعالى وإن كان قادرا ، لكن يمتنع منه تعالى لإفضائه إلى التلبيس.
لأنّا نقول : لا نسلّم كون تجويزه يفضي إلى الشك في المشاهدات ، فإنّ المشاهد هو وجود هذان ، أمّا أنّ هذا هو ذلك فليس بمشاهد لكن حكم من النفس يقع فيه الخطاء ، ولا يلزم من الشكّ فيه الشك في المشاهد.
ودليل الامتناع لا يدفع الإلزام ، لأنّ هذا الجزم إن كان بناء على ذلك البرهان كان الجاهل بالبرهان جاهلا بذلك الجزم ، والعوام لا يعرفون هذا الدّليل ، فكان يجب أن لا يحصل لهم ذلك الجزم.
السادس : لو كان العلم الضروري حاصلا من خبر التواتر لم يخالف
__________________
(١) أقليدس بن نوقطرس بن بزنيقس فيلسوف يوناني ، من علماء الرياضيات في القرن الثالث قبل الميلاد ، مظهر الهندسة والمبرز فيها ومدرّسها في الاسكندرية على أيام بطلميوس الأوّل. فهرست ابن النديم : ٣٢٥ ، المنجد «قسم الأعلام» : ٥٧.