لكن الإشكال باق ، لأنّ حصول مرجّح الوجود إذا جاز أن لا يوجد كان العدم واقعا لا عن مرجّح ، لأنّ عند حصول مرجّح الوجود يستحيل حصول مرجّح العدم ، فعند حصول مرجّح الوجود لو حصل العدم لكان لا عن مرجّح ، وإذا جاز ذلك بطل قولك : الفعل لا يقع إلّا عن الداعي ، فجاز من أهل التواتر أن يكذبوا لا لداع.
وفيه نظر ، لما تقدّم مرارا من أنّ الوجوب المستند إلى الداعي لا ينافي القدرة.
الثالث : عند حصول الصارف إن وجب الترك لزم الجبر ، وإلّا جاز الكذب عند الصارف.
وفيه نظر ، لعدم الجبر والوجوب بالنظر إلى الدّاعي.
الرابع : سلّمنا وجود الصارف لكن يجوز وجود شهوة متعلّقة بالكذب لكونه كذبا فيقدّم عليه لا لغرض سواه.
لا يقال : يستحيل أن يشتهي العاقل الكذب بمجرد كونه كذبا ، ولو جاز في الواحد والاثنين لم يجز في الخلق الكثير كما جاز في الواحد أكل طعام معين في وقت بعينه ويمتنع اجتماع الخلق كلّهم عليه.
لأنّا نقول : يمتنع امتناع ذلك ، فإنا نرى جماعة اعتادوا الكذب ولا يصبرون عنه وهم يعلمون ضرره عاجلا وآجلا ، واجتماع الخلق العظيم على أكل طعام معيّن وإن كان مظنون العدم لكنّه ليس معلومه ، كيف وانّه جائز على كلّ واحد؟ وجوازه على كلّ واحد لا يمنع صدوره عن الباقين ،